أنا والدكتور الكبير

العلامة المرحوم الأستاذ الأول المتمرس الدكتور محمد حسين علي الصغير. الصورة: أحمد علي الحلي/ قناة التراث والتحقيق بين يديك في التليكرام

أحمد علي الحلي

١٦ جمادى الآخرة ١٤٤٤هـ الموافق ٩ كانون الثاني ٢٠٢٣ م 

مرّت سنوات العمر، وبدأ فقد الأحبة، فالحبيب بعد الحبيب، والقريب بعد القريب.

لا يطأ خدك النجف الأشرف إلّا وتسمع أذنك عن رجل كبير يلقب بالصغير.

فتترجل إلى لقائه في مجلسه الأسبوعي، وإن شئت أكثر ففي مجلس السيد الحكيم، وأكثر في عامّة مجالس الإمام الحسين (ع)، وأكثر في المؤتمرات والندوات والمجالس العلمية، وأكثر في الحرم العلوي وفي بيت المرجع السيد السيستاني (ده).

خلق، وعلم، وولاء، وشعر، وأدب، وحافظة متميزة، ومدافع عن الحوزة العلمية ورجالها.

سافرت معه، ولازمته في أكثر من سفرة لإيران لحضور بعض المؤتمرات، وجلست بمحضره كرّات ومرات، فلا ترى إلا رجلاً محترماً يعلمك العز والافتخار في كل خطواته وخطواتك، لا تفارقه اللطيفة والبديهة، لا أعلم، كيف ضمّ الثرى تلك الأعين التي تتفقد أحبتها، وكيف ضمّ ذلك الصوت الجهوري الذي لم يورثه لأحد.

نظرتي الأخيرة له كانت في مجلس آل محيي الدين العلمي، وبكيت عندما رأيت نحافة جسده، وعلمت أنّ البراق سيعمل عملته، كان بجنب الدكتور كاظم البكاء، فقلت إن البكاء قرين الصغير.

ولعجلة مني لم أقبل يده كعادتي، فهي يد القلم والعلم والكرم، فقد اعتدت لثمها.

وأتممت النظرة إليه وهو على دكة المغتسل، فخرجت دمعة الوداع مني، أسفاً لذاك الجبل الذي رفع رأسه وهو على تلك الدكة.

فالإباء لا يفارقه حياً وميتا.

سيدي في بالي خواطر وأحاديث أنتظر أنا أناملي لتفيض من ينبوعها.

قلمي انتهى من لثم سطور العزاء حين جاء صدى صوتك في أذني: (أبو جعفر، أنا راحل).

نم قرير العين يا أبا جعفر، فقد استرحت من همها وغمها.

المتيم بك، والذي طالما أشدت به في محضر أهل العلم : أحمد الحلي.

الصورة بعدستي.

تم إعادة نشر هذا النص من قناة التراث والتحقيق بين يديك في التليكرام.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

Free Domain Privacy

0 Shares