كلمات/ عظمة شخصية النبي (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السّلام) وإقدامهم على التضحية

فقيه أهل البيت عليهم السّلام المرجع الدّيني الكبير آية الله العظمى السّيد مُحَمَّد سعيد الحكيم (قُدّس سرّه). الصّورة من موقع السّيد (قُدّس سرّه)

كلمات

٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ الموافق ٢١ أيلول  ٢٠٢٥ م

من كتاب خاتم النبيين ص ٢١٣-٢١٥ لفقيه أهل البيت عليهم السّلام المرجع الدّيني الكبير آية الله العظمى السّيد مُحَمَّد سعيد الحكيم (قُدّس سرّه):

تتجلى عظمة شخص النبي الكريم بما يحمله من تصميم على التضحية من أجل أداء وظيفته التي حمّله الله تعالى إياها، حيث بذل كل ما يستطيع، وجهد في إقامة ذلك المجتمع بسلبياته وتعقداته في الفترة القصيرة، وبحكمته البالغة، وأخلاقه العالية، من أجل أن يوصل صوت الإسلام للشعوب الكثيرة، لتدخل فيه، ثم تتحق الأرضية الصالحة للتعريف بالإسلام بحقيقته الصافية من دون تحريف وتشويه. وإن كان المجتمع الإسلامي الذي قام بنشره لم يخلُ منهما.

وكان (صلّى الله عليه وآله) موطّناً نفسه على التضحية بأعزّ الناس عليه وخاصة أهله، وتحميلهم المصائب والمصاعب من أجل تصحيح مسيرة ذلك المجتمع في المراحل اللاحقة، والاستفادة منه على الأمد البعيد، في قيام أمة تدعو إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، لتكون مناراً لطالب الحقيقة، فيهتدي بهديها ويستضيء بنورها. وتقوم الحجة لله تعالى بها على الناس {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}.(١)

وقد استفاض عنه (صلّى الله عليه وآله) توقع تلك المآسي والإخبار عنها بألم شديد وحسرة بالغة (٢)، من دون أن يمنعه ذلك عن مضيِّه في أداء وظيفته في التبليغ والعمل الدؤوب في تقوية ذلك المجتمع مع سلبياته المتقدمة، وما يتوقع أن يقوم به نتيجة ذلك.

كما تتجلّى بذلك عظمة أهل بيته (عليهم السّلام) في استجابتهم له (صلّى الله عليه وآله) وقناعتهم بمشروعه، وتسليمهم لله عز وجل، وتقبلهم تلك المصائب الفادحة، وتضحيتهم فيها من دون تبرّم ولا جزع، فناءً في ذات الله عز وجل، وتسليماً لأمره، ورضاً بقضائه.

فالنبي (صلّى الله عليه وآله) وآله (عليهم السّلام) كإبراهيم خليل الله وابنه إسماعيل الذبيح (عليهما السّلام) في محنتهما القاسية.

بل زادوا عليها بأهنم مضوا في تسليمهم حتى النهاية المفجعة، ولم يكتف الله عز وجل منهم بالرضا والتسليم من دون تنفيذ، كما اكتفى بذلك من إبراهيم وإسماعيل (عليهما السّلام).

فجزى الله تعالى نبينا العظيم وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) عن هذه الأمة المرحومة خير جزاء المحسنين. وصلّى الله عليه وعليهم، ورزقنا شفاعتهم، وحرشنا في زمرهتم. إنه أرحم الراحمين. وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) سورة الأنفال الآية: ٤٢.

(٢) ففي حديث ســعد الإسكاف عن أبي جعفر (عليه السّلام): « قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): من سّره أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن، فيلزم قضيباً غرســه ربي بيده فليتول علياً والأوصياء من بعده، وليسلّم لفضلهم، فإنهم الهداة المرضيون. أعطاهم فهمي وعلمي. وهم عترتي من خلقي [لحمي. خ ل] ودمي. إلى الله أشكو عدوهم من أمتي. المنكرين لفضلهم، القاطعني فيهم صلتي. والله ليقتلن ابني. لا أنالهم الله شفاعتي». كامل الزيارات ص:١٤٦ باب: ٢٢ حديث:٣، واللفظ له. أمالي الشيخ الصدوق ص:٨٨-٨٩ المجلس:٩ حديث:٧.

ونحوه حديث ابن عباس: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): من سرّه أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ويسكن جنة عدن، غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، ورزقوا فهماً وعلماً. وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي. لا أنالهم الله شفاعتي». حلية الأولياء ج١: ص٨٦: في ترجمة علي بن أبي طالب، واللفظ له. وذكره باختصار في التدوين في أخبار قزوين ج:٢ ص:٤٨٥. أمالي الشيخ الطوسي ص:٥٧٨ المجلس: ٢٣ حديث:٩. تاريخ دمشق ج:٤٢ ص:٢٤ في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر.

وفي حديث جابر: «سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: المصحف والمسجد والعترة. يقول المصحف: يا رب حرقوني ونزلوني. ويقول المسجد: يا رب عطلوني وضيعوني. وتقول العترة: يا رب قتلونا وطردونا و وشرّدونا. فأجثوا للركبتين للخصومة. فيقول الله جل جلاله لي: أنا أولى بذلك». الخصال ص:١٧٥ باب الثلاثة حديث:٢٣٢، واللفظ له. الفردوس بمأثور الخطاب ج:٥ ص: ٤٩٩. مقتل الحسين للخوارزمي ج:٢ ص:٨٤. كنز العمال ج:١١ ص:١٩٣ حديث:٣١١٩٠.

والنصوص في ذلك أكثر من أن تحصى.

0 Shares