١٨ ذو الحجة ١٤٤٥ هـ الموافق ٢٥ حزيران ٢٠٢٤ م
وأشهد أنّه الذي تواضع كل شيء لقدرته، وخضع كل شيء لهيبته، ملك الأملاك، ومفلِك الأفلاك، ومسخّر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمّى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثاً، قاصم كل جبّار عنيد، ومهلك كل شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، إله واحد و رب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي و يميت ويحيي، ويفقِر ويغني ويضحك ويبكي ويمنع ويعطي، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، لا إله إلا هو العزيز الغفار، مجيب الدعاء ومجزل العطاء محصي الأنفاس ورب الجنة والناس، لا يشكل عليه شيء ولا يضجره صراخ المستصرخين ولا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين والموفق للمفلحين ومولى العالمين، الذي استحق من كل من خلق أن يشكره ويحمده، أحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء، وأومن به وبملائكته وكتبه ورسله، أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه، وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، وأقر له على نفسي بالعبودية وأشهد له بالربوبية، وأؤدي ما أوحى إلي حذرا من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته، لا إله إلا هو، لأنه قد أعلمني أني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، و قد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة وهو الله الكافي الكريم فأوحى إلي بسم الله الرحمن الرحيم:
وسألت جبرئيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال الآثمين وختل المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، وكثرة أذاهم لي في غير مرة حتى سموني أذنا وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه، حتى أنزل الله عز وجل في ذلك قرآنا ﴿ وَمِنهُمُ الَّذِينَ يُؤذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُو أُذُنٌ قُل أُذُنُ﴾ على الذين يزعمون أنه أُذن ﴿ خَيرٍ لَكُم يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤمِنُ لِلمُؤمِنِينَ﴾ الآية ٥، ولو شئت أن أسمي بأسمائهم لسميت، وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت وأن أدل عليهم لدللت ولكنّي والله في أمورهم قد تكرّمت، وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل إليّ، ثم تلا صلى الله عليه و آله: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ﴾ في عليّ ﴿ وَإِن لَم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾.
فاعلموا معاشر الناس أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما مفترضة طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي والحر والمملوك والصغير والكبير وعلى الأبيض والأسود وعلى كل موحد ماض حكمه جائز قوله نافذ أمره، ملعون من خالفه مرحوم من تبعه مؤمن من صدقه، فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له.
معاشر النّاس إن الله قد أمرني ونهاني، وقد أمرت عليًّا و نهيته، فعلم الأمر و النّهي من ربه عز وجل، فاسمعوا لأمره تسلموا، وأطيعوا تهتدوا، وانتهوا لنهيه ترشدوا، وصيروا إلى مراده و لا تتفرّق بكم السّبل عن سبيله.
2024-06-25