١٣ جمادى الآخرة ١٤٤٥ هـ الموافق ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٣ م
كم يحتاج الانسان من الوقت ، من الوعي حتى يقف على حقيقة أمرأة لم يكتب التاريخ عنها سوى صفحة أو أقّل من ذلك، ولكنها شكلت حضوراً مذهلاً في قلوب ملايين النّاس أكثر من شخصيات كتب التاريخ عنها ملايين الصفحات!
هذه المفارقة تظهر لنا حين يتولى الله عباده الصالحين فيرفعهم إلى المستوى الذي لم تتخيله عقول الناس بحساباتهم ومخططاتهم.
وأعظم الدروس التي تقدمها شخصية (أم البنين) للبشرية، أن العمل لله تعالى يتحول إلى شمس دائمة الإشراق لا أفول لها مهما تقادمت الأيام.
نحن لا نعي المقام الذي وصل له العباس بن علي ومدى ارتباط هذا المقام بوالدته الكريمة، وإخوته الذين ساروا على هذا النهج، فإنها قدمت بوفاء أولادها ليتقدموا أمام سيد الشهداء (عليه السلام) بعد أن حملوا قلوبهم بأيدهم وتجملوا بدرع الفداء.
وأمّ البنين غذت أولادها الأربعة حب السبط الشهيد(عليه السلام) فكانوا يرونه الدين والأخ والوصي والولي والإمام وكل الخير، فهو إمام الخير والمجد، ومن يتعلق بالحسين (عليه السلام) يصيبه الخلود.
أم البنين (عليها السلام) أصابها الخلود وأضحت رفيقة سورة الفاتحة وباب الحوائج لصلتها بالحسين (عليه السلام) وكانت تلك الصلة بواسطة الشخصية المحببة إلى قلب الحسين (عليه السلام) قمر العشيرة العباس بن علي(عليه السلام).
من هنا يتبين أنّها إمرأة أعظم من أسوار التاريخ، فالتاريخ الذي لم يدون عنها سوى صفحة واحدة، خرجت من سوره لتكتب عظمتها بأولادها، فأنّ العباس المعظم (عليه السلام) موسوعة معارف ومكارم لا تنتهي قصة كرم تتعلق به إلا وتبدأ أخرى.. وهكذا إلى يوم القيامة.