الإمكانات التي اودعها الله سبحانه في النفس الإنسانية

الإمكانات التي اودعها الله سبحانه في النفس الإنسانية

Image by Fona/ Shutterstock.

السيد محمد باقر السيستاني، المعرفة الدينية

٢٩ شعبان ١٤٤٢ / ١٢ نيسان ٢٠٢١

إن الله سبحانه وتعالى أودع في النفس البشرية طاقات وإمكانات عظيمة متعددة إن انتفع بها المرء في موضعها بلغ مبلغاً عالياً، كما يدلك عليه ملاحظة المبرزين في الأخلاق والسلوك والعلم والأدب وغيرها، وإن استعملها في غير موضعها هبط هبوطاً كبيراً، كما يدلك عليه ملاحظة حال المجرمين والعتاة، فإن هؤلاء لم يكونوا في صغرهم إلا أطفالاً وديعين يتمتعون من الفطرة بمثل ما يتمتع به سائر الأطفال ولكنهم توجهوا بطاقاتهم إلى مناحي الشر والشقاء.

وأصول الإمكانات التي متع بها الإنسان سبعة: الإرادة والعلم والحكمة والضمير والمشاعر والتخيلات وما وراءها من القابليات والطاقات الغامضة .. 

١ ــ الإرادة فهي مقود الحياة، بها يسوق الإنسان حياته إلى الجهة التي يريدها من خير أو شر وسعادة أو شقاء، وبموجبها كان الإنسان مختاراً في أعماله، يحمل مسؤوليتها ويستوجب الثناء أو العتاب عليها.

٢ ــ العلم فهو ضياء الإنسان في الحياة، به يبصر الإنسان ما حوله ويستدل في تصرفاته وأفعاله، ولولاه لكان مثله مثل الأعمى لا يدري أين يسير ولا يبصر أين يذهب، فإن انتفع به في سلوك سبيل الخير أفاده، وإن سلك به مسالك الشر أضرّ به.

٣ ــ الحكمة والعقل فهي قائد الخير في نفس الإنسان، فهي تقوده إلى جهة سعادته، وذلك أن حقيقة الحكمة هي نزوع المرء لما هو صلاحه وسعادته، بالنظر إلى مجموع عوامل السعادة والشقاء عاجلها وآجلها، وهي أمر زائد على العلم بمعنى الإدراك، فقد يعرف المرء أن شيئاً ما كالتدخين يضره ولكنه لا يعبأ بذلك فهو عالم غير حكيم، فإن الحكمة علم يتحكم بالإنسان ويؤثر في عمله، كما إن العقل ما منع المرء من السلوك الذي يضرّ به، فهما يقترنان بالعلم تارة ويفارقانه أخرى.

٤- الضمير فهو الحاوي لقوانين حياة الإنسان في تعامله مع الآخرين، فهو صوت الفضائل في داخله ونزوع إلى ما هو مقتضى النظم الاجتماعي الحكيم في مقام التعامل مع غيره، بل هو بحسب الأبعاد المعنوية للحياة ضمان لسعادة كل امرئ في نفسه، لتطابق مصلحة النوع والشخص بحسبها.

٥ ــ المشاعر ــ من دوافع وانفعالات ــ فهي وسائل وآلات للمرء من أجل الوصول إلى غاياته ــ خيراً كانت أو شراً ــ حيث تحفز النفس بثورانها وتدفعها بهيجانها.

٦ ــ التخيلات ــ كالصور التي يبدعها والقصص التي يُنشؤها والأحلام التي يحلم بها ــ فهي وسيلة لإثارة المشاعر فتكون خادمة لها سائرة في جهتها ــ من خير أو شرّ ــ.

٧ ــ وأما ما عدا هذه الأمور من الطاقات والقابليات الغامضة فهي على قسمين ..

الأول: ما هو من قبيل قابليته للتأثر بالأشياء، وهو استعداده لاستقبال الإيحاءات الخارجية.

الثاني: ما هو من قبيل قابليته للتأثير في سائر الأشياء، وهو تأثيره فيها من خلال النشاطات الذهنية والنفسية البحتة إما بالإيحاء إليها أو بوجه من التصرف فيها.

ويوجد في كلا القسمين ما هو خير وتسديد وما هو فتنة وابتلاء وما هو شر وتنغيص على تفصيل يأتي.

تم أخذ هذا النص من كتاب أصول تركية النفس وتوعيتها لسماحة السيد محمد باقر السيستاني، ص١٨٩

تم إعادة نشر هذا النص من قناة المعرفة الدينية على التليكرام

اشترك في نشرتنا الإخبارية

0 Shares