معالمُ العقلانيّةِ المعرفيّةِ العامّةِ في القرآن الكريم

القرآن الكريم، ٢٠ ذو القعدة ١٤٤٤ الموافق ٠٩ حزيران ٢٠٢٣ . كربلاء المقدسة، العراق. الصورة: علي صباح/ شبكة الكفيل العالمية

قناة الإرشاد الثقافي المُلتزم للأفراد والأسرة والمُجتمع في التليكرام

٢ ذو الحجة ١٤٤٤هـ الموافق ٢١ حزيران  ٢٠٢٣ م

لقد اعتمدَ القرآنُ الكريمُ في تقديم خطابه الإلهي للإنسان على العقلانيّة المعرفيّة العامّةِ وتحفيزها فيهفهي الركن الأوّل الأساس الذي مثّل بُنيّة الخطاب القرآني .

حيث نلاحظ اعتماده في الإقناع بالرسالة على منطق عقلي وموضوعي راشد دون المُثيرات الخطابيّة والمؤثّرات النفسيّة المُلتويّةويُطالب الإنسانَ بتحكيم الوجدان والعقل في شأن مضامين هذه الرسالة الإلهيّة الجديدة.

والنصُّ القرآني يتّصف بهذه الصفة بوضوحفهو يُحاجج بالعقل والبرهان والبيّنات ، ويْحفّز الإنسانَ على التفكير والتأمّل والرشد ، وينهى عن التأثّر بأسلوب المجادلة والمغالطة والتأثير النفسي .

ويتمثّلُ تحرّي العقلانيّة العامّة في القرآن الكريم في تأكيده على عدّة أمور :

١حُسنُ استماع الإنسان إلى الأقوال المختلفة في شأن المسائل المهمّة والخطيرة واختباره لصدقها بعقله ليختار أحسنها: ( فَبَشِّرۡ عِبَادِ (١٧) ٱلَّذِینَ یَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمۡ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ)[سورة الزمر ١٨].

وهذه آيةٌ مُلهِمَةٌ ورائعة جدّاً ، ومن هذا الباب عامةُ الآيات التي توصي المُخاطَبين بالإصغاء إلى صوت الرسالة الإلهيّة والإمعان فيه .

٢اعتماد البرهان والبيّنات والحجج المُنيرة في الاعتقاد الذي يرتضيه الإنسان لنفسهوهي مطلق الآيات القرآنيّة التي ذكرت مفرداتالبرهان والبيّنة والنور وما يُرادفها أو ما يَقربُ منها .

٣ضرورة التأكيد على التعقّل والتفكير للإنسان ، كما جاء الحثُّ القرآني على ذلك بألسنة متنوعة للغايةمن قبيل قوله تعالى : أفلا يعقلون

افلا يتفكّرونأفلا يتدبّرونوأيضاً من جملة ذلك ما ورد في الحثّ على تأمّل الحوادث ولوازمها ، واستنطاق الأشياء والمقارنة بينها واستكناههاأفلا ينظرونألا يرون

أفلا يبصرون .

٤ضرورة تذكّر الإنسان للمعلومات التي أدركهاوالتذكّر : هو وعي الإنسان بما يجده ويعلمه واعتباره به .

ويتكرّر الحثُّ على التذكّر في القرآن الكريم بشكل مؤكّد للغاية كقوله تعالىأفلا تذكّرونأفلايتذكرونفهل من مدّكر .

٥ضرورة تجنّب الإنسان المجادلة بالباطلباصطناع الحجّة وتكلّف الشُبهة -(وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ‏ءٍ جَدَلاً)[سورة الكهف ٥٤] .

وقد بيّن اللهُ تبارك وتعالى المنهجَ الملائم للمحاججة ، وهو المجادلة بالتي هي أحسن ، والتي تعني الانطلاق في الجدال من الحقيقة دون المغالطة أو التعصّب.

٦التنبيه على عوائق الإدراك الموضوعي والوجداني الصافي من قبيل العصبيّة للآباء ، وعدم الخضوع للحقّ بعد الاطّلاع الأوّل عليه ، وتغيير الموقف الصحيح لدواعٍ خاطئة ممّا يؤدّي إلى فقدان الحقّ قيمته ووقعه في وجدان الإنسانفهذه المعاني ونظائرها ذُكرت كثيراً في آيات القرآن الكريم .

  انظر : منهح الدّين في ارشاد الإنسانلسماحة سيّدنا الأستاذ الفاضل محمد باقر السيستاني ، دامت إفاضاته وتوفيقاته ، ص ٢٦٣٠ .

تلخيصمرتضى علي الحلّيالنجفُ الأشرف

تم إعادة نشر هذا النص من قناة الإرشاد الثقافي المُلتزم للأفراد والأسرة والمُجتمع في التليكرام.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

0 Shares