كلمة مكتب المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني دام ظلّه إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثالث للمدارس الإسلامية

المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله

The-14

٢٣ جمادى الآخرة ١٤٤٥ هـ الموافق ٦ كانون الثاني ٢٠٢٤ م

وجّه مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظلّه في النجف الأشرف بياناً إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثالث للمدارس الإسلامية، الذي استضافته العتبة الحسينية المقدسة في مدينة كربلاء المقدسة في العراق للفترة من ١٩ جمادى الآخرة ١٤٤٥ هـ الموافق ٢ كانون الثاني ٢٠٢٤ م إلى ٢٢ جمادى الآخرة ١٤٤٥ هـ الموافق ٥ كانون الثاني ٢٠٢٤ م.

وقد شاركت ١٨ دولة من حول العالم في المؤتمر الدولي الثالث للمدارس الإسلامية في العتبة الحسينية المقدسة في مدينة كربلاء المقدسة في العراق.

وأعلنت العتبة الحسينية المقدسة خلال هذا المؤتمر عن قرب تشييدها لمدرسة إعدادية دولية في مدينة كربلاء المقدسة وتدرس مناهجها باللغة الإنجليزية وتكون فرعاً من مجموعة مدارس إسلامية عالمية. وستكون هذه المدرسة على مساحة ٢٠ ألف متر مربع على الطريق الرابط بين محافظتي كربلاء المقدسة والنجف الاشرف.

وجاء في نص كلمة مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظلّه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنسانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).

السلام على الإخوة الحضور في هذا المؤتمر المبارك لمدراء المدارس الإسلامية المشاركة فيه، ومن خلالهم لآحاد المعلمين والمتعلمين في هذه المدارس من مختلف البلاد.

وبعد: فإنّ مما يفرضه الدين ويدعو إليه العقل هو تعاون المؤمنين على إرشاد الأجيال الناشئة إلى مبادئ الإيمان بالحق وقيم الدين الحنيف والفطرة السليمة، والتآزر في تعليمهم معالم دينهم، وتربيتهم وتزكية نفوسهم بما يمكّن هذه المبادئ والتعاليم فيها ويصونهم من الضلال والتيه والشبهة، ولا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه رايات الضلالة وانتشرت فيه الأهواء والفتن وذاعت الشبهات واتسعت عوامل تشويه الفطرة والقيم الأخلاقية النبيلة، قال الله سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).

وحيث إن من أبرز السبل لتحقيق هذا الهدف النبيل في بلاد المهجر ونحوها هو إنشاء المدارس الخاصة التي تسمح بحفظ الخصوصيات الدينية والثقافية لأبناء الجاليات المؤمنة، كان من الضروري تضافر الجهود في سبيل دعم هذه المدارس معنوياً وثقافياً ومادياً بما يتيح لها أن تحقق الغرض المرجوّ منها بأفضل وجه، بل وإنشاء المزيد منها بما يغطي النقص الكبير في هذا المجال.

ومن هنا فإن المرجعية الدينية العليا تبارك للأخوة القائمين على هذا المؤتمر والمشاركين فيه – والذي يمثّل خطوة ضرورية لتحقيق الأهداف المتقدمة – تنظيم هذا الاجتماع المهم لدراسة مختلف الجوانب المتعلقة بعملهم المشترك والاطلاع على التجارِب المختلفة في هذا المجال لتدارك ما قد يوجد في بعضها من نقاط الضعف والارتقاء به إلى مزيد من الكمال والإتقان.

إن أهمّ ما ينبغي أن يسعى إليه المشاركون في هذا المؤتمر وعموم الأعزّة العاملين في المدارس الإسلامية هو الإخلاص لله سبحانه، ومزيد الانتظام في العمل والتزوّد الدائم من العلم، والاطلاع على ما ينفعهم في أنفسهم وينفع العمل الذي يقومون به، ومزيد العناية بأخلاقهم وسلوكهم ليكونوا بعملهم قدوةً لتلامذتهم، والتسابق في معاني الورع والتقوى والتواضع والجهد والطيبة وسائر المعاني النبيلة والأخلاق الفاضلة، وتقديم الأكفأ فالأكفأ والاستعانة بالمشورة وتنسيق أمورهم فيما بينهم على النحو الأمثل.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرفع هذا العمل إليه ويتقبله بأحسن القبول ويبارك فيه ويزيده وينمّيه أضعافاً مضاعفة ويجعله محل عناية وليّه – عجل الله تعالى فرجه الشريف – ورضاه ومدعاةً لسروره وسرور آبائه الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، قال الله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ١٤ / جمادى الآخرة / ١٤٤٥ هـ

0 Shares