١٦ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ الموافق ٨ تشرين الثّاني ٢٠٢٥ م
من كتاب تجربتي مع الدّين لسماحة السيد محمد باقر السيستاني، ص ١٣-١٤:
ما جاء في الدين من عناية الله بخلقه، واهتمامه الخاص بالإنسان. حيث جاء فيه ما يفيد أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان مزوّداً بالعقل والضمير والإرادة الحرّة؛ لكي يدركه بعقله، ويشكره بضميره، وينتفع بما هيّأ له من النعم في هذه الحياة.
كما جاء فيه أيضاً أنّه سبحانه وتعالى سوف يتولّى الإنسان في هذه الحياة بمقدار استجابته لما زرعه فيه من الهدى، فإذا شكر الله زاده، وإن ناجاه استمع إليه، وإن أثنى عليه قدّره، وإذا ناداه استجاب له.
فيكون مثل الله سبحانه وتعالى بالنسبة إلى الإنسان مثل الأبوين، ولكنْ في موقع أعلى مهيمنٍ على الأشياء كلّها.
فإذا كان الله سبحانه وتعالى الخالق للإنسان قد خلقه لهذه الغاية وطلب منه أن يتحلّى بمعرفته والشكر له، فحريٌّ بالإنسان ــ بما أوتي من الضمير ــ أن يستجيب لأمر الله سبحانه شكراً على إنعامه واستزادة في معروفه، واكتساباً لولايته.
وكيف للإنسان أن يجفو الله سبحانه وهو خالقه والمنعم والمتفضّل عليه، حتّى أنّه سبحانه يدعوه فلا يجيبه، ويحثّه فيتوانى عنه، ويرشده فلا يأخذ بإرشاده، حتى كأنّه هو المحتاج إلى الإنسان!
فما ألطفه من ربٍّ منح كلَّ شيءٍ للإنسان ثمّ يستقرضه ممّا آتاه ــ وهو غني عنه ولو شاء لاستردّ ما أخذه وكان الإنسان والأشياء كلها عدماً ــ .