إنَّ الإمامَ موسى بن جعفر الكاظم ، عليه السلام ، قد تمكّنَ في عصره العصيب من مواجهة التيارات الفلسفيّة والعقديّة والتفسيريّة والروائيّة من المدارس الأخرى مواجهةً علِميةً وكلاميةً مَكينةً , بإمكان أيّ أحدٍ أن يُراجعها في بطون الكتب الموثوقة ، والتي سأشيرُ إلى بعضها ضمناً .
بحيث أثبتَ حَقانيَة وشرعيّة مذهبَ أهل البيت المعصومين عليهم السلام .
فالإمام موسى الكاظم لم يتركَ وظيفته العلميّة في تصحيح المسار الإسلامي ، الذي أصابه الانحرافُ بقدرٍ كبير.
وكما أغنى مدرسة الفقه بحديثه وروايته وتفسيره الصحيح ، ويتبيّن ذلك في مجموعةٍ من المراجع الأصلية الموثوقة ، والتي تذكر فقه وحديث وتفسير وفكر الإمام موسى الكاظم عند المتقدمين من علمائنا الكرام ،رضوان الله تعالى عليهم ، كما في كتب – المُقنع والهداية للصدوق والخلاف والنهاية للطوسي , فضلاً عن كتب المتأخرين من فقهائنا كالمحقّق الحلّي في كتابه المُعتبر والعلاّمة الحلّي في كتابه تحرير الأحكام وغيرها كثير .
وللإمام الكاظم ، عليه السلام ، أيضاً دورٌ واضحٌ وهادفٌ في تربية وإعداد أصحابه الخُلّص من العلماء والفقهاء والمُفكرين إعداداً قويماً لدرجةٍ إلى ألان تَعتمدُ المؤسساتُ المعرفيّة والحوزات العلميّة في الأوساط الدّينيّة على مخزونهم الفقهي والأصولي والكلامي والتفسيري والحديثي .
ومن أبرز هؤلاءِ التلامذة هو علي بن يقطين بن موسى الكوفي البغدادي ، وهو ثقة جليلُ القدرِ والمَكانة عند الإمام موسى الكاظم ، بحيث لثقة الإمام بعدله أجازَ له العمل في وزارة هارون العباسي وحكومته الظالمة ، كي يخدمَ الصالح العام ويُحافظ على حرمة المؤمنين.
: انظر : الخلاف: الطوسي: ج1 : ص220.
وأما يونسُ بن عبد الرحمن فهو الآخر من خيرة أصحاب الإمام موسى الكاظم وعلاّمة زمانه .
حتى أنّ الإمام علي بن موسى الرضا ، عليه السلام ، كان يُشير إليه في العِلم والفُتيا.
: انظر: تحف العقول: ابن شعبة الحراني: ص 444.
فالمُتتبع في دراسة ومطالعة منهج الإمام موسى الكاظم يجده مُهتماً بعقيدة توحيد الله تعالى بالصورة الصحيحة وتنزيهها عن الأوهام والخرافات .
وكذا يجده إنسانا مُفكِّراً ومؤسِّساً لمختلف العلوم والفنون والمعارف الإسلامية.
بحيث كان ينهج نهجاً قويماً وتربوياً في بناء الشخصيّة المؤمنة للإنسان المسلم.
ولقد ذكرت كتب الرجال وتراجم الرواة وكتب الحديث أنّ أكثر من ثلاثة مئة راوٍ رووا الحديثَ عن الإمام موسى الكاظم ، وكلّهم ثقات خُلّص ومِن جلّة أصحابه , ولهم كتبٌ ومؤلفاتٌ ثريّة وعلميّة يُعتمد عليها علميّا .
وقد تكفّلتْ ببيان ذلك المجاميعُ الروائيّة الأربعة الشيعيّة الموثوقة والصحيحة الصدور – كالكافي للشيخ الثقة للكليني ، و مَن لا يحضره الفقيه للصدوق وكتابَي التهذيب و الاستبصار للطوسي .