رؤية المرجعية تجاه الجيل الصاعد

المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله

حسن علي الجوادي

١٨ جمادى الآخرة ١٤٤٤هـ الموافق ١١ كانون الثاني ٢٠٢٣ م

قد عرف عن المرجع الاعلى للطائفة السيد علي السيستاني، انه عميق الرؤية ودقيق المفردة، ويعني ما يقول، وللكلمة مسؤوليتها ، ولا يطلق اي توصيف الا ويحمل هدفه وغرضه امامه.

ما تأملته في كلام سماحته لمؤسسة العين اليوم ـ وفق نقل المؤسسة ـ الجملة المهمة الملهمة الآتية: (كما شَدَدَ عَلى ضَرورةِ رَبطِ المُحتَضَنينَ بِقيَمِهم الاجتماعِيةِ والدِّينيةِ والأخلاقيةِ الأَصيلةِ).

وهي واضحة للغاية، مفادها الاهتمام بهوية الجيل المعاصر من الاطفال واليافعين الذين تحتضنهم المؤسسة، وهي رسالة عميق ودقيقة للخطر الذي يمر به الجيل الفتي الصاعد، اذ هو صورة المستقبل لهذا البلد العزيز.

رؤية المرجع الاعلى تجاه الهوية الثقافية، وهوية الجيل المعاصر ليست بوليدة اللحظة فقد سبق وان تحدث عن هذا الموضوع لاكثر من مرة، اولها بعد سقوط الحكم مباشرة، حيث تقدمت صحيفة الواشطن بوست بسؤالها عن اكبر خطر يهدد مستقبل العراق؟

فأجاب سماحته:  خطر طمس هويته الثقافية التي من أهم ركائزها هو الدين الاسلامي الحنيف.

من هنا يظهر أن أمل المرجع الاعلى في الجيل الناشئ، وهذا ما يزيد المؤسسات المعنية بالتربية والتثقيف والرعاية ان تكثف من جهودها وان تبذل ما بوسعها من طاقات وخبرات في مجال الحفاظ على هوية هذا الجيل وايقاف النزيف الحاصل جراء عمليات التخريب التي تفرضها الوسائل الاعلامية عبر البرامج والفعاليات التي تخدش عناصر الهوية وتذيب من ملامحها المشرقة.

ربما ابالغ بعض الشيء عند بعض القرّاء حين أقول، ان المرجع الاعلى قد يكون من اهم نظراته الاستشرافية للمستقبل هو اكتشافه خطر طمس هوية المجتمع والفرد العراقي.

لا احد يشكّ اليوم بالوهن الذي تتعرض له هوية البلد الثقافية (العادات والتقاليد ، الدين ، القيم النبيلة ، والتاريخ الحضاري) فقيمة هذا البلد بهويته، وحين تنتزع الهوية الاصيلة وتستبدل بهوية اخرى نبدو عناوين جوفاء لا قيمة لنا.

ان ملامح الخطورة ان لم تظهر علينا كجيل مثقف يعي ما عليه من مسؤولية ويعي الخطورة المعاصرة، فانها بلا شك ستظهر على الاجيال الصاعدة سواء اعجبنا الامر او لم يعجبنا!.

لنعيد النص مرة اخرى ونتوقف عند عبارة (ربط المحتضنين بقيمهم الاجتماعية) لانّ العالم يعيش اليوم حركة صراع قيمية هائلة، اذ لا مفهوم يثبت الا ويحاط بعشرات التأويلات والتزييفات، فما نحن فاعلون امام حركة الصراع القيمي المعاصر؟

وما نفعل امام زعزعة القيم النبيلة والسلوكيات والاخلاقيات الحميدة في نفوس الناس ولا سيما من ليس لهم عمق في التراث الاسلامي، اذ فتح هذا الجيل عينه على الهواتف النقالة، وصارت مواقع التواصل الاجتماعي هي المرجع له في المعرفة والقيم والاخلاق والفكر والعقيدة وكل شيء، اليس كذلك!.

من منّا يقبل ان تنهار قيمه الاخلاقية والسلوكية في وجدان وواقع اولاده واسرته ، حيث لا ميزان ولا معيار يحكم الاسرة ومن ثم المجتمع، اليست بوادر الانهيار واضحة امامنا!

العمل ، والتثقيف والبرامج الهادفة والاعمال المكثقة والرصد المستمر، وكسب الجيل عبر برامج صحيحة وواقعية تواكب تطلعاته وتنسجم مع الظروف الحالية مع الاخذ بعين الاعتبار، ان تلبية الحاجة المعرفية والثقافية المتوافقة مع العصر ليست ترفاً ابداً.

تم إعادة نشر هذا النص من قناة حسن علي الجوادي في التليكرام.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

Free Domain Privacy

0 Shares