بقيع الغرقد

المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله

أحمد علي الحلي

٨ شوال ١٤٤٤هـ الموافق ٢٩ نيسان ٢٠٢٣ م

مجلسٌ  حسينيٌّ أُقيم في مكتب آية الله العظمى السيِّد السيستانيّ (ده)، بمناسبة الثامن من شوّال، وبحضور المرجع الأعلى، وجملةٍ من فضلاء طلبة العلم، والزوَّار.

كان الخطيب فيه فضيلة الشيخ (عبد الله الدجيليّ) .

تهادت عيون السيِّد المفدَّى على جلَّاسه، وافتتح مجلسه بالسلام والتحيَّة على مَن حضر. شرع الخطيب بخطابتِه، وعلا صوتُه مستنهضاً إمام الزمان (عجّل اللهُ فرجَه) لمصائبَ حلَّت وتحلُّ فينا، وتصاعد ذِكر المِحن من كربلاء إلى باب فاطم إلى السبايا، ثمّ إلى هدم قبور أئمّة بقيع الغرقد(عليهم السّلام) .

ثمّ خاتمة المسك فاحتْ بعطر شهداء الفتوى، الذين لا يُعقد مجلسٌ عنده (دام ظلّه) إلّا وذُكروا فيه.

كانَ المجلسُ ذا روحيّةٍ كبيرةٍ؛ إذْ تدرّجتْ وتصاعدتْ أصواتُ البكاء والنحيب، والتفجّع والتوجُّع على تلك المصائب الأليمة، التي آلمتْ مَن سمعها ووعاها، فكيف بمَن حضرها وتحمّل آلامَها.

وأمّا السيِّدُ المفدَّى، فهو في المجلس كالنور في الظلام، وكالمرآة لمَن حضر بين يديه.

حركاتُه ليستْ كحركاتنا، فكلُّ فعلٍ منه يزيده هيبة ووقاراً، فقد توزَّعت حركاته بين أن يضعَ جبهته على راحة يمينه مطأطأ رأسه عند سماع المجلس؛ وبين أنْ يمسحَ دموعه بأطراف أنامله ومنديله، وبينَ أنْ يرفع يديه للدّعاء لمَن غاب، ولمَن حضر.

وينحني لمَن جلس عنده ليسمعَ كلماته، ومن عنده يُقبل عليه بكلِّه ليستلم سطور حروفه التي ستُصاغ في سويداء القلب.

وآخر الكلام منه كلمة (أحسنتم)، التي تكون من حصّة الخطيب عادة، فهي ختام المسك، ومسك الختام، وكم يتمنّى السامع أن تكونَ هذه الكلمة له، فعليها يُغبط مَن قيلتْ له.

هيبة السيِّد وإجلاله تقعان في النفس كهيبة مولىً حضر بين يدي سيِّده، نعم وهو كذلك، فمَن أراد عزّاً بلا عشيرة ، وهيبةً بلا سلطان ، وغنىً بلا مال فليخرج من ذلِّ معصية الله تعالى إلى عزِّ طاعته.

حفظ الله تعالى السيِّد، ومنحه المزيد من الصحّة والعمر والعطاء، فهو ظلٌّ نستظلُّ به حين تأخذنا المآخذ.

تم إعادة نشر هذا النص من قناة التراث والتحقيق بين يديك في التليكرام.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

0 Shares