الفقيه السيّد السيستانيّ (دام ظلّه) في العاشر من المحرّم الحرام

محمد الكوفي

١٥ محرم الحرام ١٤٤٥ هـ الموافق ٢ آب ٢٠٢٣ م

وَسط الأجواءِ العاشورائِيّة في “شارِع الرّسول“حيثُ المَواكِبُ المُعزّية لأميرِ المؤمنينَ باستِشهادِ ولَدهِ الحُسَين وأهلِ بَيتِه وأصحابِه “علَيهِم السّلام” يَقِفُ جَمعٌ من النّاس وقلوبُهم تَنبِضُ شَوقًا مُنتظِرينَ بِشَغفٍ وصولَهُم إلىٰ دارِ المَرجِع الأعلىٰ لحُضورِ مَجلِس العَزاء السّنوِيّ الّذي يُقيمُه كَعادتِه، وبعدَ إذنِ الدّخولِ والسّلامِ علىٰ سَماحَتِه وتفقّدِه الحنونِ لنا شرَع خَطيبُ المَرجعيّة الشّيخ عبدُ الله الدّجيلِيّ “أعزّهُ الله” بالعَزاءِ مُردّدًا بصَوتِه الشّجِيّ:

صلّىٰ اللهُ عليكَ يا أبا عَبدِ الله.

صلّىٰ اللهُ عليكَ يبنَ رَسولِ الله.

أصبحَ بَعدها الحُزنُ سيّد المَوقِف والمُسَيطِرَ علَيه فقَد صارَ أبلغَ تَعبيرٍ حينَها، وحينَما استَرسَل الشّيخُ الدّجَيليّ بسَردِ وَقائِع المَقتَل الحُسينِيّ تبَدّلت مَلامِحُ سيّدنا المَرجِع وبانَ انكِسارُ قَلبِه علىٰ وَجهِه المُبارَك، وبدَأت عَيناهُ تَتلألآنِ بفَيضِ الدّموع، فَطَأطأَ رأسَهُ ووضعَ يمينَهُ علىٰ عَينَيه وخَيّمت غَمامَةُ الحُزنِ والأسىٰ علىٰ الحَاضِرين في المَجلِس فأجهَشوا جَميعًا بالبُكاءِ والنّحيب وهُم يَسمعونَ أهوالَ يومِ الطّفِّ وما جَرىٰ فيها مِنَ الرّزايا والنّوائِب الّتي تُقرِحُ الفؤادَ وتورِثُ السُّهاد.

ما إن قالَ الخطيبُ:

وجلسَ شَمرٌ علىٰ صَدرِه وضَربهُ بالسّيفِ اِثنَتي عشرَة ضربَة واحتَزّ رأسهُ المُقدّس!!

حتّىٰ لطمَ السّيّد جَبهتَهُ بيدِه واَرتَفعَت صَرخاتُ الحُضورِ وعَلَا بُكائُهم وضَربوا جِباهَهُم وصُدورَهُم بحرُقةٍ في مَشهدٍ لا يُوصَف وكأنّهُم قَد حَضَرُوا الواقِعَة وشَاهدوهَا عَن كَثب.

كَفكفَ السّيّدُ المَرجِع دُموعَهُ بِيَديه، وكانَ خِتامُ المَجلِسِ قَصيدةٌ لأبياتِ الشّريفِ الرّضيّ ردّدَها الشّيخُ الدّجيليّ وشَاركهُ فِيها سَماحةُ المَرجِع والمُعزّونَ جَميعًا بلَطمِ الصّدور.

نالنَا في الأخيرِ –وقَبلَ أن نُغادِر– شَرفُ تَقبيلِ يَمينِ سمَاحتِهِ المُباركة. حقًّا وصِدقًا لقَد كانَ مجلِسًا مُزدانًا بالعِبرَة والعَبرَة، نسألُ اللهَ سُبحانَه وتَعالىٰ أن يُعيدنَا لأمثَالِه ونَحنُ مِنَ المَقبولِينَ عِندَ سيّد الشُّهدَاء (صلواتُ اللهِ علَيه).

مُحمّد الكوفِيّ

السّبت || ضُحىٰ يومِ العاشِر مِنَ المُحرّم الحَرام، ١٤٤٥ للهِجرَة المُبارَكة.

تم إعادة نشر هذا النص من قناة كشكول السيستاني في التليكرام.

اشترك في نشرتنا الإخبارية