أداء الأمانة

Photo by Canva and The-14

أحمد علي الحلي

٢٧ شوال ١٤٤٥هـ الموافق ٦ آيار  ٢٠٢٤ م

كنت  في يومٍ من الأيّام عند المرحوم الشيخ شريف كاشف الغطاء (ره) في مكتبته، بعد سقوط النظام عام ٢٠٠٣ م بأشهر قليلة، فبلّغته سلام المرحوم العلّامة السيّد محمّد أمين بن الشهيد العلّامة المحقّق الخطيب السيّد محمّد جواد شبّر العائد من الهجرة إلى العراق بعد غياب دام لثلاثة عقود تقريبًا.

فقال: عجيب، السيّد محمّد أمين بن السيّد جواد شبّر؟! فقلت: نعم.

فقال: يعني السيّد حيّ يُرزق؟! أنت رأيته بعينك؟! فقلت: نعم.

فقال: اصعد على هذا البرميل، وكان على يمين الداخل إلى مكتبته، وقال: في الرفّ الثالث بين الكتاب الفلانيّ والفلانيّ كيس ورقيّ أسمر آتيني به، فأتيته به، وإذا به من الأكياس الورقيّة التي تستخدم في السبعينيّات لشراء وبيع الشاي والسكر، ففتحه وإذا فيه (٣٦) دينارًا عراقيًّا.

وقال لي: هذا المبلغ أوصله للسيّد أمين، وقل له: يُسلّم عليك خادمك شريف، وهذا ثمن ستّ دورات من كتاب والده (أدب الطف)،  وكان قد وضعها عندي أمانة للبيع، بعتها واحتفظت بالمبلغ طيلة المدّة؛ وذلك لغياب السيّد الوالد في سجون الطاغية أو مقتله، والحمد لله الذي أبقاني حيًّا وأدّيت الأمانة، علمًا أنّ والده اعتقل عام ١٩٨٠ م، وقد احتفظ الشيخ كاشف الغطاء بالمبلغ مدّة (٣٤) عامًا، حتى أصبح مبلغ الكتاب لا قيمة له، وبعدها زار السيّد الأمين الشيخ الأمين وفاءً لحقّه وعلقته بوالده رحمه الله، ولمثلها فليعمل العاملون.

ومن نافلة القول إنني كتبت كلمة (المحقّق)؛ لأنني سمعت من المرحوم آية الله المحقّق السيد محمد مهدي الخرسان – قده – مرة يمدح الخطيب السيّد محمد جواد شبّر، وعادته أنه لا يجامل في مدح ولا يحابي، قال: رحم الله السيد جواد شبّر، كان يقول عن السيدة الزهراء عليها السلام عند ذكر مصيبتها : غمضت عينها، ولا يقول: غمضت عينيها، فإن عينًا منها جمد عليها الدم.

وكان الرجل محقّقًا، وهو أعرف بما قال، رحمه الله تعالى.

تم إعادة نشر هذا النص من قناة التراث والتحقيق بين يديك في التيليجرام.

0 Shares