مصيبة السبي

المحرّم الحرام ١٤٤٦ هـ/ ٢٠٢٤ كربلاء المقدسة. الصورة: أحمد العبدالله/ شبكة الكفيل العالمية

سماحة الشيخ مرتضى علي الحليّ

١٢ المحرّم الحرام ١٤٤٦ هـ الموافق ١٨ تموز ٢٠٢٤ م

وبعد زوال يوم الحادي عشر من مُحرّم الحرام لسنة ٦١ هجريّة.

بدأت مصيبة السبي إلى الكوفة ومنها إلى بلدٍ وبلد: 

– عندَ أخذِ السيِّدةِ  زينب بنت علي بن أبي طالبٍ (عليها السلامُ) سَبيّةً إلى الكوفةِ  بعد انتهاءِ واقعةِ الطّفِ الفجيعةِ , فقد انبَرَتْ وبقوةٍ  لفتَتْ إعجابَ المُؤالِفِ والمُخَالِفِ.

وخطبتْ خطبتها الشهيرة والصحيحة , والتي تضمنتْ ثقافةَ الصمودِ والوعي والتحفيزِ لمواجهة الظالمين وعدمَ الخنوعِ لهم والتسترَ بلباسِ الإيمانِ والدّين.

فقالتْ: فاضحةً المُنافقين والناكثين في الكوفةِ آنذاك ,والذين أظهروا البكاءَ والتعاطفَ الأجوفَ مع سَبي الحرائرِ والنساءِ مِن أهلِ بيتِ الوحي المُحمدي الشريفِ:

(أما بعدُ : يا أهلَ الكوفةِ – وتَقصِدُ المَجموعاتِ البشريةَ المُتواجدَةَ فيها ,والذين كان أغلبُهم خانعين لحكومةِ يزيد اللعين والطاغيةِ ابن زياد, والذين تَسبّبُوا بقَتلِ مُسلمٍِ بن عقيل مِن قَبل , وخذلوا الإمامَ الحُسَين(عليه السلامُ),ولم ينصروه إلاّ القِلّةُ  – :

يا أهل الخَتلِ والغدرِ أتبكون فلا رقأتْ الدمعةُ ولا هدأتْ منكم الرنةُ , إنّمَا مَثلُكم كَمَثَلِ التي نقضتْ غزلَها من بعد قوةٍ أنكاثا ,تتخذون إيمانَكم دَخلاً بينكم أتبكون وتنتحبون , أي واللهِ فابكوا كثيراً واضحكوا قليلا ,فقلد ذهبتم بعارها وشنارها,  ولن ترحضوها بغسلٍ بعدها أبدا ,وأنّى لكم ترحضون قَتلَ سليلِ خاتمِ النبوةِ ومَعدنِ الرسالةِ ومَدارِ حُجتكم ومَنارِ مَحجتكم ومَلاذِ خَيرتكم ومَفزعِ نازلتكم وسيّدِ شبابِ أهلِ الجنة ألا ساءَ ما تزرون , إلى أنْ قَالَتْ : فلا يستخفّنَكم المَهلُ فإنه لا يَحفِزُ البدار ولا يَخافُ فَواتِ الثأرِ وأنّ ربّكم لبالمرصَادِ)

: الأمالي,الطوسي, ج ١, ص ٩١ :

وهنا تبثُ مولاتنا زينبٌ (عليها السلامُ ) وعياً جديداً ، ينبغي أنْ يأخذَ طريقه إلى المَيدانِ تطبيقاً وسُلُوكَا , وهو أنّ العلاقةَ الحراريةَ العاطفيةَ مع المعصومين دونَ الفِعلِ النَاصِرِ لهم لا تُحَقّقُ المَطلوبَ .

وإنّمَا يجبُ وعي ترابطِ المَعيّةِ القلبيّةِ والسُلُوكيّةِ مع المعصومِ وعيَاً يُسَجّلُ حاملُه معه مَوقفاً مُشرّفَاً وصالحاً ومُعبراً عن حقيقة صدق ولاءه وإخلاصه  .

.. وقد نبّهتْ ناصحةً القوم :

بأنّ المعصومَ هو مَدارُ الحُجّةِ الوجوديّةِ في هذه الحياةِ , وليس الطغاة , وهو مَنارُ المَحَجّةِ , طريقاً مُنكشفاً ومُوصِلاً باستقامته إلى اللهِ تبارك وتعالى ورضوانه.

مرتضى علي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .

تم إعادة نشر هذا النص من قناة الإرشاد الثقافي المُلتزم للأفراد والأسرة والمُجتمع في التيليجرام.

0 Shares