المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله أحمد علي الحلي النجفي ٩ شوال ١٤٤٣هـ المصادف ١٠ آيار ٢٠٢٢ م تجتمع الأقدام وتخطو خطواتها من حرم أمير المؤمنين – عليه السلام – إلى حيث جهة القبلة، فثمّة مجلس يقام لذكرى هدم قبور البقيع: أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا × في قتله فتتبعوه رميما مجلس تعاهدته المرجعيّة الدينيّة العليا في كلّ سنة من مثل هذا اليوم؛ ليكون قبلة لخطى الموالين، ينتهجونه مع أريج الذكرى المؤلمة، التي أقرحت القلوب أسى على هاتيك المغاني. تدخل إلى فرع مكتب المرجع الأعلى، تتنفس الصعداء، رويدً رويدًا، فترى تلك الوجوه التي أجهدت نفسها مسرورة بخدمة مرجع الطائفة – دام ظلّه – ،تدخل وترنو فتجد ذلك السيّد الفقيه الذي فدى عمره لخدمة والده، والذي يحسب لكلّ خطوة وعمل وقول، صغيرًا كان أو كبيرًا، ثمّ ترنو فتجد على الآرائك وجوه الأحبة التي تنتظر أن يؤذن لهم بالدخول على مرجعهم المفدى. ويأتي الإذن، ويتسابق الكلّ في الدخول؛ ليحظى بقرب الرجل الزاهد العالم المحنّك، الذي كرّس قلبه، وأنامله، ولسانه، وعينيه لخدمة الشيعة، والعراقيين بالخصوص، فتجلس أمامه وما تدري ما تقول، تبصر فيحييك بيديه وبكلامه الطيّب، وياليت تلك الكلمات عادت ألف مرّة ومرّة، فتتخذه بعد الجلوس قبلة لك، وتنظر وتتأمل، ما هذا؟ شمسٌ فتحرق؟ قمرٌ فيأفل؟ لا هذا ولا ذا، فهو ابن الأطايب الأكرمين، وكفى بهم فخرًا وسؤددًا. فتلملم نفسك بمحضره تأدبًا، وهنيهة، ويشرع الخطيب الدجيليّ بالقراءة بين ثلّة من الأحبة، وبين من يلوذ بالسيّد المرجع، فمن يلوذ به هنا نسبًا يفترش الأرض دون ضيوفهم، ولدٌ وأحفاد وأسباط، يفترشون الأرض تذلالًا؛ ليعلو الضيف فيغترف من المنهل ويقتطف الثمر. فتحنو من الخطيب مصائب، ثمّ نعيٌّ وبكاء، وضجيج وعويلٌ، وعيناك لا تفارق وجه السيّد المرجع، وهو الذي يأنُّ لذكر مصابهم، ويلوذ لمحنهم، ويلملم أنامل كفه الأيمن بين عينيه، ويحتضن كعب يده اليمنى بكفه اليسرى، ووجهه إلى الأرض تأدبًا للذكرى والعزاء. وجهٌ يجمع الأنين والزفرات برمتها، فيعلو أنين المجلس عند ذكر تسلسل مصابهم ومحنهم، مصائب النبيّ والزهراء وعليٍّ والحسنان وأئمّة البقيع وصاحب الزمان – صلوات الله عليهم – ثمّ العود أخرى لكعبة المصائب كربلاء، فختام المجلس بمصارع الشهداء الذين فدوا أنفسهم للوطن العزيز، ودموع العيون، وصراخ الأحبة يعلو مرّة للبقيع ويحنّ لزيارته، ومرّة للشهداء الذين فقدتهم أمهاتهم وأزواجهم وولدهم وذووهم. هنيئًا لكم أيّها الشهداء، فلقد دعا لكم السيّد المرجع – دام ظلّه – ومَن حوله، ولقد أُقيم لكم العزاء في كنف بيت مرجعكم، عند نقطة من الوفاء لكم سادتي. وانقضى المجلس بعد قراءة الفاتحة وكلمات الدعاء من السيّد دام ظلّه وأمّن الجميع، وكلٌّ يطمع بدعوة مستجابة منه، ويشكر الله تعالى على توفيقه، وتقوم والحزن يعلو وجهك على المصاب وعلى فراق ذلك الوجه السعيد، فقد انتهى المجلس وأذن بالرحيل. الرحيل من مجلسٍ يقام كلّ سنة عند هذه الذكرى الأليمة، هدم قبور أئمّة البقيع عليهم السلام. 8 شوّال سنة 1443هـ في مكتب المرجع الديني الأعلى السيّد السيستاني دام ظلّه. تم إعادة نشر هذا النص من قناة التراث والتحقيق بين يديك في التليكرام. اشترك في نشرتنا الإخبارية TweetShare0 Shares 2022-05-10