التدخل الأمريكي في الشؤون العراقية: رفض شعبي وسياسي للتدخل في قانون الأحوال الشخصية

العلم العراقي
Image by Pete Linforth from Pixabay

The-14

١٦ صفر ١٤٤٦ هـ الموافق ٢١ آب ٢٠٢٤ م

وسط التحديات التي تواجه العراق، يبرز التدخل الأمريكي مجددًا في الشؤون الداخلية للبلاد كمحور لانتقادات واسعة، بعد تصريحات مستفزة من الخارجية الأمريكية.

ففي خطوة أثارت غضب العراقيين، عبّر نائب المتحدث بأسم الخارجية الأمريكية، فيدانت باتل، عبر حسابه على منصة إكس عن قلقه إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي.

وبعدها أعادت سفيرة الولايات المتحدة في العراق، ألينا رومانوسكي، نشر التصريح باللغة العربية:

“‏إننا نشعر بالقلق إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي والتي من شأنها أن تقوض حقوق المرأة والطفل. ونحن نحث العراقيين على الانخراط في حوار مدني يحترم بشكل كامل حرية الدين أو المعتقد وحقوق المرأة والطفل.”.

لكن هذا التصريح لم يمر مرور الكرام. فقد اعتبره العراقيون بمختلف انتماءاتهم تدخلًا سافرًا في شؤونهم الداخلية، وتحديًا صريحًا لسيادة الدولة.

فالعراق، الذي يعاني من تدخلات خارجية متعددة، لم يعد يتحمل المزيد من التدخلات في قراراته السيادية، خاصة تلك المتعلقة بأحواله الشخصية التي تستند إلى دينه ودستوره.

ردود الفعل الغاضبة لم تتأخر. فقد كتب الدكتور رائد حمدان المالكي، النائب المستقل في مجلس النواب العراقي وعضو اللجنة القانونية النيابية، في حسابه الرسمي على منصة إكس:

“تصريح السفيرة الأمريكية تدخل سافر في عمل السلطة التشريعية، والتعديل المقترح يعطي الحرية للعراقيين في أحوالهم الشخصية، فهل أمريكا مع الحرية أم ضدها؟”.

وأضاف: “لا يهمنا قلقكم ولن نقبل توجيهاتكم فنحن نعمل بدستور منحنا الحرية في الالتزام بأحوالنا الشخصية وفق معتقداتنا واختياراتنا التي تنسجم مع الدستور”.

هذه الردود لم تقتصر على مجلس النواب العراقي فحسب، بل امتدت إلى مختلف شرائح المجتمع العراقي. فقد أدانت مجموعة “إكسير الحكمة” في حسابها على التيليجرام التدخل الأمريكي، وكتبت:

“ليس لأي دولة أو سفارة أو منظمة أو جهة التدخل بالشأن الداخلي لبلدنا وفرض إراداتها تحت أي ذريعة أو عنوان، وما صدر عن السفارة الأمريكية من التدخل في شأن تعديل قانون الأحوال الشخصية – وفق ديننا ودستورنا – مستنكر ومرفوض”.

من جانبه، كتب السيد رشيد الحسيني في حسابه على منصة إكس:

“لم نخطئ حينما قلنا (سفارات!) ولم نتهم، إنما هذا هو الواقع للأسف”.

إن هذه التصريحات تعكس واقعًا مؤلمًا يعاني منه العراق في ظل استمرار التدخلات الخارجية التي تهدد استقراره ووحدته.

الشعب العراقي، الذي خرج بمظاهرات حاشدة ضد الفساد والتدخلات الخارجية على مر السنوات الماضية، يرفض بشدة أن يُملى عليه من الخارج كيفية إدارة شؤونه الداخلية. التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، التي أثارت هذا الجدل، هي شأن عراقي خالص ينبغي أن يُترك للعراقيين ليقرروا فيه وفقًا لدينهم ودستورهم وتقاليدهم.

إنّ تدخل الحكومة الأمريكية وسفارتها في العراق في هذا الشأن ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة التدخلات التي تضع سيادة العراق على المحك.

الشعب العراقي يتوق إلى الاستقلال الحقيقي عن أي تدخلات خارجية، ويرفض أن يكون مسرحًا لتحقيق مصالح دولية على حساب حقوقه وتطلعاته.

إن الموقف العراقي الثابت يجب أن يكون رادعًا لكل من يفكر في التدخل في شؤون العراق الداخلية، وعلى الحكومة العراقية أن تتخذ موقفًا قويًا وحازمًا لحماية سيادة البلاد من أي تدخل خارجي.

العراق للعراقيين، وهم وحدهم من يملك الحق في تحديد مصيرهم وصياغة قوانينهم وفقًا لدينهم ودستورهم وتقاليدهم.

0 Shares