أهمية نقد الانسان لنفسه
Photo by ESB Professional/ Shutterstock.
السيد محمد باقر السيستاني، المعرفة الدينية
٢٠ شعبان ١٤٤٢ / ٣ نيسان ٢٠٢١
إنّ على الإنسان أن يكون قادراً على نقد نفسه وسلوكه من المنظور الأخلاقي، انطلاقاً من المبادئ والقيم الفطرية التي جُهّز بها، فإنّ من ذاب في نفسه وخصاله وسلوكياته يقع في الخطيئة وهو يعتبرها حسنة، وبذلك يزيّف وعيه الأخلاقي، فالنقد هو الذي يحول دون طروّ الزيف أو يكشفه في حال وقوعه، وقد قال سبحانه في القرآن الكريم: [قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا].
إنّ النفس الإنسانية بطبيعتها عرضة للصدأ الناشئ من الميول والغرائز وتمويهها، والنقد هو الذي يمنع ويزيل الصدأ الأخلاقي الذي يعرض عليها، فإذا لم يعالجه الإنسان بالنقد شكّل طبقة زائفة في نفس الإنسان حتى يهيمن على عقله الباطن وبذلك يعيق القيم الفطرية عن النشاط والفاعلية.
وأقبح شيء في الإنسان أن يكون هناك حجاب بينه وبين نفسه ومبادئه وعقله، بأن يغالط نفسه فيما بينه وما بينها ويكذب عليها، حتى يسكت ضميره ويحجر على عقله وإدراكاته، فلا يسمح لها بشيء ينافي ميوله ورغباته وغرائزه، وقد يبتلى المرء في أفعاله بما يشبه انفصام الشخصية، لأنه حجر على ضميره وعقله في حقل معين، فهو يتعامل مع الأمور بشخصيتين، فهو ذو شخصية مسترسلة في غير ذلك الحقل وأخرى محجور عليها في الحقل المحدد.
إنّ النقد الأخلاقي للنفس يحافظ على الصدق الداخلي للإنسان ـ وهو صدق الإنسان مع نفسه ـ ويعطي للنفس شعوراً داخلياً عميقاً بالانسجام والنقاء والصفاء، بجنب ما يجده من مرارة النقد ووخز الضمير والشعور بالندم أو الإحباط أحياناً، وفقدان النقد الداخلي يؤدي إلى نمو الزيف والرياء والازدواجية والتظاهر في الإنسان.
تم أخذ هذا النص من كتاب تجربتي التربوية في الحياة لسماحة السيد محمد باقر السيستاني، القسم الثاني، صفحة ٢٦
تم إعادة نشر هذا النص من قناة المعرفة الدينية على التليكرام